"مليونية" رفض الدستور.. بضع مئات
|
|
|
|
المتظاهرون في ميدان التحرير لم يتجاوزوا المئات (الفرنسية) |
أحمد السباعيبضع مئات من المصريين بميدان التحرير ونحو ألفي متظاهر بمحيط
قصر الاتحادية (القصر الرئاسي)، لبوا دعوة جبهة الإنقاذ الوطني إلى
"مليونية" لرفض الدستور.. مشهد أثار الكثير من التساؤلات التي تفاوتت
الأجوبة عليها حسب الانتماءات السياسية التي يبدو أن هوتها تتسع بين
التيارين الإسلامي والعلماني.
فوكيل مؤسسي
حزب الدستور أحمد دراج أكد أن ما حصل مقبول، خاصة أن الشعب يركز على المرحلة الثانية
من الاستفتاء على الدستور و"عمليات التزوير" التي شابت المرحلة الأولى.
وأضاف أن الناس لم تعد تتوقع الكثير من سلطة فقدت "القدرة على الإحساس
بمشاكل ومطالب الناس والتعامل معها".
وأشار دراج إلى أن المظاهرات وسيلة لتحقيق هدف التغيير وليست
الهدف بحد ذاته، وعندما لا تستجيب السلطة يبحث المواطن عن وسائل أخرى
للتعبير كالعصيان المدني، وأوضح أن الجبهة لا تحشد الناس كما يفعل الآخرون،
بل تدعوهم للاعتراض على الطريقة "الهمجية" في وضع الدستور.
وخلص إلى أن الهوة بين الشعب والرئيس
محمد مرسي تتسع، لأنه متردد وقيادة الجماعة والحزب السياسي اللذين ينتمي إليهما
ترتعش وتعيش حالة من التخبط والإرباك، فمرة تهدد بالملايين المستعدين
للتضحية، وأخرى تدعو إلى الحوار الوطني من أجل رأب الصدع، وهذا ما يدل على
"انفصام في الشخصية" بلعبه بدوريْ "السلطة والمعارضة"، حسب قوله.
|
متظاهرة قرب قصر الاتحادية تصف الدستور بالباطل وتطالب بدولة مدنية (الفرنسية) |
في هذا السياق، قال القيادي في
حزب الوفد حسام الخولي إن شعبية المعارضة لم تتآكل، ولكن المصريين -خاصة في القاهرة- عبروا عن رفضهم للدستور بالاستفتاء.
وأضاف
أن قسما كبيرا من المؤيدين للدستور (56%) اعتبر أن تصويتهم "بنعم" سيجلب
الاستقرار في اليوم التالي لإقرار الدستور، لكنهم لم يصوتوا تأييدا للدستور
والإخوان، علما بأن "أغلبية المصوتين من الصعيد (مناطق تنتشر فيها الأمية)
ولم يقرؤوا الدستور أصلا".
في المقابل، يقول الخولي إن 44% -أغلبهم تعليمهم عال، أي ممن يقرأ
الدستور- رفضوه، وأكد أنه لولا "عمليات التزوير" لكانت النسبة أعلى بكثير،
وأوضح أن نسبة المشاركة في المرحلة الأولى لم تتجاوز 30%، أي أن 70% من
الشعب أراد أن يرسل رسالة أنه محبط من العملية السياسية.
وأوضح أنه كان هناك عمليات تعطيل -متعمدة أو غير متعمدة- عبر
دمج أكثر من لجنة بسبب غياب القضاة، مما أسفر عن طوابير طويلة حيث احتاج
الناخب إلى أكثر من أربع ساعات للإدلاء بصوته، وهذا ما دفع عددا من
المقترعين إلى عدم المشاركة في التصويت على دستور "غير توافقي ويعمق
الانقسام الحاصل" في البلاد.
تخبط وتراجعفي
المقابل، رأى المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة
الإخوان المسلمين أحمد سبيع، أن عدم استطاعة المعارضة حشد المتظاهرين يعود
إلى أن الشعب حدد الطريق الذي يريده، ولم تعد تنطلي عليه عمليات تشويه
الدستور والاستفتاء عليه، حيث شارك بكثافة "غير متوقعة" في الاستفتاء
لتأييد الشرعية.
وأضاف أن المرحلة الثانية من الاستفتاء ستشهد تأييدا أكبر،
خصوصا أن أغلبية المحافظات صوتت لصالح الرئيس مرسي في انتخابات الرئاسة،
وأشار إلى أن أهداف المعارضة تقويض سلطة الدولة وما رفضهم لدعوات الحوار
المتكررة إلا دليل واضح على هذا الأمر.
وختم سبيع بأن الشعب المصري يطبق الديمقراطية ويفهم معناها أكثر من "نخبة تريد السلطة دون التفكير في مصلحة المواطن ومستقبله".
أما المتحدث باسم حزب النور السلفي يسري حماد فأكد أن
المعارضة لا تفهم معنى الديمقراطية وأطر عملها، وبما أن الشعب مصدر السلطات
فعلى الجميع العودة إلى قراره وهذا ما يحصر بالاستفتاء، لكن المعارضة تريد
فرض قراراتها بالقوة عبر ممارسات عنفية باتت عنوان الأحزاب السياسية
الجديدة.
ولفت إلى أن المعارضة تعيش حالة تخبط شديد، وهذا ما جعل الناس
تنفضّ من حولها، فمن رفضها للدستور إلى مقاطعة الحوار، ورفضها الإعلانين
الدستوريين الأول والثاني، لكنها فوجئت بكثافة المقترعين على الدستور مما
أفقدها صوابها وأفقدها رصيدها الشعبي.
المظاهرات مكلفةوأضاف
حماد أنه لو شنت حملة الافتراءات والكذب التي تعرض لها الدستور على الكتب
السماوية لرفضها الناس، واعتبر أن المعارضة طمعت بالرئيس بعد تراجعه عن بعض
قراراته تحت ضغط الشارع، مشيرا إلى أن لكل قرار كلفة يجب تحملها مهما
بلغت.
من جانبه أرجع المحلل السياسي بشير عبد الفتاح عدم نجاح
المعارضة في حشد المتظاهرين إلى دوران عجلة العملية السياسية عبر الاستفتاء
الدستوري، ومن الطبيعي حين تحضر السياسة أن يتوارى الشارع، وأضاف أن صورة
المعارضة اهتزت لدى الشارع بسبب استقوائها بالخارج، واستقوائها بالقوات
المسلحة على رئيس مدني منتخب، إضافة إلى كلفة المظاهرات البشرية
والاقتصادية في ظل فقر مدقع واقتصاد بلد ينهار بسرعة.
وأشار عبد الفتاح إلى أن حسابات الشارع غير حسابات النخبة،
فالشارع يبحث عن الاستقرار والديمقراطية عبر عملية سياسية والمعارضة تريد
الحكم والسلطة.